بشراسة نكراء ، حيث قاوموها وكادوا لها بألوانها منذ بزوغها وحتى الآن ، معركة شعواء تشنّها اليهود القوميون العنصريون على الرسالة الاسلامية منذ ذلك التاريخ البعيد ، ضاربة الى أعماق التاريخ في كل الأجواء والأرجاء وحتى اللحظة الحاضرة.
معركة لا تتغير جذورها عبر الأجيال مهما تغيرت شكليا ، رغم أنهم في تشردهم عبر القرون ما وجدوا من المسلمين إلّا صدورا حنونة ، او قلة أذى مهما هم آذوهم كثيرا ، فكان من المترقب أن يسبقوا غيرهم في الايمان بهذه الرسالة الجديدة ، ولكن كانوا أوّل كافر به وشروا بآيات الله ثمنا قليلا.
هنا ـ وبعد استنفاد كافة وسائل الدعوة معهم ـ يذكرهم بما منّ عليهم ، ويهددهم بمخلّفات تمرّدهم دنيا وعقبى ، ويصارح بمدى جهلهم وتجاهلهم القيم ، وتصلّبهم على الفوقية العنصرية.
يبدأ بنداء حنون تذكرهم فيها بما أنعم عليهم ، وتأمرهم بالوفاء بعهد الله والرهبة من الله ، والايمان بما أنزل الله ، وتنهاهم عما حرم الله علّهم يهتدون.
فليست قصة بني إسرائيل وأضرابهم في قصصهم أحاديث تتكرر طيّات القرآن لغرض قصّ التاريخ ، وانما تذكيرا لأصحابها وأضرابها ، وتحذيرا أو تبشيرا للوسط الإسلامي في كافة الأجواء والأرجاء.
وما أحوج الأمة المسلمة الى درس قصص الأمم الغابرة فانها الامة الأخيرة التي تضرب إلى نهاية الكون ، فعليها ـ إذن ـ أن تتملّى من هذه التوجيهات دراسات متنوعة بعيون متفتحة لتخوض معتركات الحياة مع اعدائها التقليديين ، وكيف ترد على المكائد اللئيمة التي توجّه إليها بأخفى الوسائل وأمكر الطرائق.