فهذه جولة جوّالة مع بني إسرائيل ـ وهم أعرق الأمم طوال التاريخ الرسالي ـ نعيشها في تاريخنا المجيد ، ولكي نحيد من تخلفاتها ، ونستفيد من : كيف ابتدأت الرسالة الموسوية وواجهت عدوها الفرعوني اللدود ، فكل حال ابن ماضيه وفي الإسلام المزيد!.
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٤٠)
«بني» جمع «ابن» : الولد الذكر ، إلّا إذا أضيف فيعمه والأنثى كما هنا ، وفي إضافتهم الى إسرائيل إيحاء بعبودية معمّقة في يعقوب جدّهم ، فإسرائيل هو عبد الله ، وإيحان ثان ، لشرف هذه النسبة وكرامتها فليرجعوا إليها ـ وهم أحرى ـ فالحسنة من بيت النبوة أحسن وأجدى ، كما السيئة منها أنكى وأردى ، فليحذروا السوء وهم بنوا أنبياء!.
وهذا الخطاب الحنون يضم ذكرى النعمة الإلهية الخاصة لهم ، ومن ثم الأمر بالوفاء بعهد الله حتى يوفي بعهدهم ، ثم (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ).
وترى ما هي هذه النعمة القمة الذكرى ، وما هما العهدان ، والرهبة التي تخلّف النعمة والعهد؟.
توحي «نعمتي» بوحدة النعمة ، أو أنها على كثرتها من نوع واحد ، وأنها نعمة خاصة ربانية تفوق النعم المادية التي تعم المنعمين أيّا كانوا وأيّان ، فهل هي تفضيلهم على العالمين ، وهي قرينة معطوفة عليها؟ : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢ : ٤٧) و ١٢٢).
أم هي النجاة من آل فرعون : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ