ثمنا ومثمنا باعتبارين ، دون فرق بين المتاع والنقد ، فقد يكون النقد ايضا مثمنا كما يكون ثمنا.
وهنا ـ إذ كانت الرغبة ـ كل الرغبة ـ فيما يعتاضون به آيات الله المرغوب عنها ، أصبح العوض ثمنا يشترى والآيات مثمنا يشرى.
ولأن ما رغبوا فيه قليل بجنب آيات الله ـ ايّا كان ـ فالنهي يستأصل هذه التجارة بكل أثمانها أنها قليلة!.
وقد يكون المثمن مرغوبا عنه ولا يكون الثمن مرغوبا فيه ولكنه أفضل من الثمن عنده ، فهنا يشرى المثمن ولا يشتري الثمن وكما في يوسف عند إخوته : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) (١٢ : ٢٠) دون واشتروا به ثمنا بخسا.
إنهم اشتروا بآيات البشارة ـ وهي عهد الله ـ ثمنا قليلا : (وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً) (١٦ : ٩٥) خشية من الناس وتقاة : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) ـ (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٥ : ٤٤) خلافا للميثاق الذي أخذ عليهم (.. فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ) (٣ : ١٨٧).
تجارة خاسرة إسرائيلية أن اشتروا بآيات البشارات ثمنا قليلا ، رهبة من السلطات الزمنية ، خشية من الناس وتقاة وحفاظا على كياناتهم أحبارا ورهبانا ، واستدرارا لما يدرّ عليهم من أموال (١) فاشتروا هذه الأثمان
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٣ مجمع البيان : روي عن أبي جعفر (عليه السلام) في هذه الآية قال : كان حي بن اخطب وكعب بن الأشرف وآخرون من اليهود لهم مأكلة على اليهود في كل سنة فكرهوا بطلانها بأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فحرفوا لذلك آيات من التوراة فيها صفته وذكره ، فذلك الثمن الذي أريد في الآية.