القليلة بعهد الله وميثاقه الذي واثقهم به والنبيين.
فآيات البشارات كانت تباع حفاظا على السلطات الإسرائيلية ، وآيات العقوبات على الأغنياء والكبراء تباع حتى يأخذوا هم رواتبهم ولا تقع العقوبات على الأغنياء ، وآيات الجزاء على الظلامات والفرعنات تباع حتى لا تمس من كرامة الفراعنة والقياصرة .. وهكذا كانت شنشنة الإسرائيليين القديمة وحتى الآن ، وإنهم كما يصرحون يرون : «ان الغاية تبرر الوسيلة» فيبرّرون التحريفات بغية الغايات.
(وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٤٢) :
نهيان في استفهام انكار وتنديد : عن لبس الحق بالباطل ، وعن كتمان الحق : (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٣ : ٧١) فالحق المكتوم بغير لباس او لبس الباطل لا يلبس بالباطل ، وانما هو الحق الظاهر غير المكتوم يلبس بالباطل (١).
فكما ان لبس الحق الظاهر بالباطل محرم ، كذلك كتمان الحق ، فلا بد للحق ان يظهر بصورته وصيغته حتى يتبعه أهلوه ، وللباطل ان يظهر كذلك حتى يجتنبه مخالفوه ، فلا تخلطوا الحق بالباطل فتعمى مسائله وتشكل معارفه.
وهم في هذا المجال من التحريف والتجديف كانوا ولا يزالون يزاولون كتمان الحق إن استطاعوا او تلبيسه بالباطل وتخليطه إذا ظهر ، فقد حذفوا بشارات عن كتابات النبيين ، وكتموا أخرى عن بسطائهم ، أو حرفوها
__________________
(١) ف «وتكنموا الحق» هنا مجزوم بالعطف على «لا تلبسوا ..» فتكرر لاء النهي والمعنى : ولا تكتموا الحق ، لا ان تكون الواو حالية وتكتموا منصوبا ب «ان» المقدرة ، حيث الحق المكتوم لا يلبس بالباطل الا بعد ظهوره او إظهاره.