كما النهي في «لا يأمر بالمعروف من قد امر ان يؤمر به ولا ينهى عن المنكر من قد امر ان ينهى عنه» (١) يخص التارك لخصوص ما أمر به والناهي عن خصوص ما اقترفه ، وكما يخصه «من دعى الناس إلى قول أو عمل ولم يعمل هو به لم يزل في سخط الله حتى يكف أو يعمل ما قال ودعى إليه» ومعها أحاديث عدة.
كما وأن مورد آية البر لا يتجاوزه ، ولا إطلاق لها تخصها بالعدالة المطلقة ـ ف (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) في ذلك البر .. لا وفي بر لم تأمروا به! وأقل ما هنا أن البر المأمور به هو القدر المتيقن دون سواه.
وهل التارك لمعروف خفية يأمر به ، أو الفاعل لمنكر خفية ينهى عنه؟ قد يقال : نعم ، إذ يصلح المجتمع ولا يفسد حيث لا يعلمون كيف هو في سرّه؟ مهما كان كالذابح نفسه ، فان المتجاهر يذبح نفسه وغيره فعليه اللّعن والمقت الكبير حيث يضر ولا ينفع ، وغير المتجاهر إنما يذبح نفسه وينجي غيره ، فأمره ونهيه واجبان من الناحية الجماعية ومحرمان من الناحية الشخصية ، فان ترك الواجب وترك الأمر به فإثمان ، وإن أمر به فإثم واحد لتركه ، ومقت مّا لأمره مع تركه رغم أنه واجب ، واجب أن يأمر
__________________
ـ نفسي كلفت اهلي ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسبك ... (وسائل الشيعة ج ١١ ص ٤١٧ عن الكافي).
وفي الوسائل ص ٤٢٠ ح ١٠ ـ في الإرشاد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل له : لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كله ولا ننهى عن المنكر حتى ننتهي عنه كله؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : لا بل مروا بالمعروف وان لم تعملوا به كله وانهوا عن المنكر وان لم تنتهوا عنه كله».
(١) الدر المنثور ١ : ٦٥ ـ أخرجه الطبراني عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ..