التحريف إذا تناقض القرآن : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١٥ : ٩) والذكر هنا هو القرآن ، فانه منزّل ، وليس الرسول وهو الذكر المنزل : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ ..) (٦٥ : ١٠) فالرسالة دفعية منزلة ، وليست تدريجية منزّلة ، ثم الذكر قبل آيته هو القرآن : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) (١٥ : ٦) وحفظ قرآنه حفظا لبرهانه الرسالي الخالد يخفّف عنه وطأة تهمة الجنون ، فليس إلّا حفظا له ككلّ وفي أيّة ناحية كقرآن ، طوال الرسالة الإسلامية ، وبمتناول أيدي الناس ، لا حفظا في صدره هو وصدور المعصومين من خلفائه ـ فحسب ، فانه لا يحافظ على كيان الرسالة إلّا عند أهليها ، والآية في مقام الامتنان ، وماذا يجديه حفظه عنده إذا كان ضايعا عند الأمة ، فهل نزل هذا الذكر إلّا للأمة: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
ولا نجد آية كآية الحفظ ـ في أية مهمة إسلامية ـ فيها هذه التأكيدات العديدة : ١ ـ إنّ. ٢ ـ نا ـ ٣ ـ نحن. ٤ ـ نا. ٥ ـ إنّ. ٦ ـ نا. ٧ ـ له. ٨ ـ ل ٩ حافظون.
فهل نسي الله أم عجز أو بخل عن حفظه وصيانته في تأليفه؟ أو عن زيادته أو نقصانه إذ غلب على أمره؟ والله غالب على أمره! وهو القائل العزيز : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤١ : ٤٢) : لا يأتيه الباطل من اي تهريف او تحريف ، رغم ما يأتيه المبطلون ـ لا يأتيه من بين يديه من وحي سابق يكذبه ويبطله ، او لا حق او معاصر كذلك ، فضلا عن غير الوحي من دس المبطلين ، لأنه (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)! : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي