(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٦١).
نعمة عاشرة وتلك عشرة كاملة مما أنعم الله به عليهم وهم يكفرون ويقتلون ويعصون ويعتدون ، ف (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ..).
(لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) ف «لن» تحيل صبرهم ، وطبعا إحالة ـ هنا ـ باختيار ، أن لن يرضوا بمنّ الله في طيبات ما رزقهم : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) كما مضت تفسيرا للمن أم والسلوى ، فوحدة الطعام لا تعني الوحدة العددية صنفا فإنه المنّ : الطيبات ، بل هي وحدة النهج بغيب نزوله : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) بعيدا عن الاعتياد الأرضي وأتعابها وأشغابها ، مستبدلين الذي هو أدنى بالذي هو خير كرزق الجنة ، حيث أرادوا الدّنيّة رغم أن الله اختار لهم العليّة ، ولكن الطبائع المتخلفة النحسة ليست لتقبل إلّا الدنية.
هنا يسيئون الأدب بجنب الله مرة حيث استحالوا صبرهم على هذه الطيبات ، وأخرى إذ طلبوا من موسى متعنتين : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) كأنه ـ فقط ـ ربه وليس ربهم ، وليتهم طلبوا ما هو أطيب وأعلى! ولكنهم طلبوا من رزق الأرض الأرذل الأدنى : (مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها
__________________
ـ عطشانا روي ، أقول : بهذا المرسل وذلك المخدوش لا يمكن اثبات معجزة لا تشير إليها الآية والله اعلم.