فالفوم : الثوم ـ والبصل هما الخبيثان على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أكل هذين الخبيثين فلا يقرب مسجدنا» خبث الريح وأمثاله ، مهما طابا في مآرب اخرى أكلا ام سواه ، والقثاء ليست طعاما يغني من جوع ولا فاكهة ، والبقل والعدس ليسا من الحاجيات الدائبة.
فرغم أن هذه الخمسة من المأكولات ، ولكنها ليست من ضروريات الطيبات ، : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً ...) ف «اهبطوا» توحي الى انتقالهم من حياة عالية الى حياة هابطة ، و «مصرا» تشير تنكيرها الى انها ليست مصرا معينة فليكن مصرا : الذي خرجوا منها حيث لم يقل «مصر» حتى تعنيها.
فإجابة هذه الطلبة الهينة الزهيدة لا تتطلب دعاء ولا محاولة إلهية فانها موفورة في كافة الأمصار ، فلا حاجة الى : (فَادْعُ لَنا رَبَّكَ) اللهم إلّا في خروجهم عن التيه الى مصر ، ولكنهم لم يطلبوه وانما (مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها ..) في التيه ام سواه! وإذ أنتم ترفضون حياة الطيبات دون صراع ومخانقة في تحصيلها ف (اهْبِطُوا مِصْراً ..) الى حياة خانعة خانقة متعبة حيث تجدون بغيتكم حاضرة : من بقلها وقثاءها وفومها وعدسها وبصلها ..
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) وترى ما هي هذه الذلة وهذه المسكنة؟ ولماذا ضربت عليهم؟ وحتى متى؟ وهل ضربت عليهم ـ فقط ـ ام يعدوهم الى اضرابهم بما يفتعلون؟ اسئولة تطرح نفسها في الظرف الذي احتلت إسرائيل فسلطيننا وقدسنا فاختلت الموازين بهذا الاحتلال الاختلال ، فهل هم بعد أذلّاء مساكين؟!.
في الحق ان الذلة والمسكنة هما لزامان لكل من يحذو حذوهم كما قال الله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ