بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) ولا نجد شعبا أنحس منهم في تاريخهم الأسود ، ، ولذلك نرى الذلة والمسكنة لزامهم دائبا ، إلّا بحبل من الله وحبل من الناس : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٣ : ١١٢) : عصيانا لله حيث يكفرون بآيات الله ، واعتداء على عباد الله حيث يقتلون أنبياء الله ، شر عصيان بجنب الله وشر اعتداء على عباد الله ، كسيرة لهم دائبة مهما اختلفت صورته ، فعصيانهم لله وكفرهم وتكذيبهم بآيات الله مستمر ، وقتلهم رسل الله كذلك حيث اختلقوا عليهم في كتابات الوحي الإسرائيلية ما يمس من كراماتهم كرسل وصالحين ، وأنكروا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) شر نكير ، ولو كان بين أظهرهم لقتلوه كما حاولوه في زمنه (١) ويأبى الله إلّا ان يتم نوره ولو كره الكافرون.
فهم ـ إذا ـ قتّالون لرسل الله ورسالاته كما يستطيعون بسيرة واحدة مهما اختلفت الصورة ، فالسيره هي السيرة والسريرة هي السريرة «وكل انسان يعمل على شاكلته».
ثم المسكنة هي حياتهم دائبا أيا كانوا وأيان وكما نراهم حتى في
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٨٤ عن اصول الكافي بسنده عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : والله ما قتلوهم بأيديهم ولا ضربوهم بأسيافهم ولكنهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا واعتداء ومعصية أقول : هذا من باب التطبيق وبيان مصداق خفي لقتلهم ، لا انهم ما قتلوهم ابدا ، ففريق قتلوهم بما دلهم آخرون ثم وفريق رضوا وهم شركاء ثلاثة في قتلهم ، كما ان الذين حرّفوا شرائعهم وكذبوهم وافتروا عليهم ، فقد قتلوا رسالاتهم فهم كلهم شرع سواء.