دويلتهم لأول مرة يعيشون بأضيق المعيشة رغم انهم يمتلكون أضخم الثروات ، حيث يصرفونها في الأسلحة المحافظة على استمرارية الاحتلال ، فميزانية التسليح للجنود ، والتصليح لما يدمر دوما من عمرانهم بالعمليات الفدائية ، هذه الميزانية هي اضعاف ما تصرف في حاجياتهم المعيشية ، رغم كافة الحيل والاحتيالات في جمعهم للأموال والثروات من كافة أنحاء العالم ، فهم أقناهم رغم انهم أغناهم ، وأسكنهم حين انهم أثراهم!
ثم الذلة هي حياتهم (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) وليس لهم هكذا حبل طول تاريخهم العتيق (وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) وذلك حينما أخذت تستحكم حبلا من الناس المستعمرين يمنة ويسرة بكل شغب وعسرة ، عمالة عجالة للاستعمار حتى تشكيل دويلة العصابات ، وترى أن هذا الحبل يدوم؟ كلّا فإنه ينفصم بعباد صالحين مرتين ثم لا حبل لهم الى يوم الدين (١)؟.
ثم ولا يتغلب حبلهم من هؤلاء الناس النسناس إلّا حين ترك المسلمون حبلهم من الله ومن الناس : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ. ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ..) (٣ : ١١٢) وليس المخاطبون ب (لَنْ يَضُرُّوكُمْ) هنا إلّا المسلمون المتمسكون بالحبلين وكما تتقدم آيتهما آياتهما : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ... وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ... وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ (٢) عَذابٌ عَظِيمٌ ...
__________________
(١). راجع الفرقان ١٥ تفسير سورة الاسراء آية بني إسرائيل.