كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ. لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً ...) (٣ : ٩٦ ـ ١١١).
فحبل من الله هو الإيمان والاعتصام بالله وتقوى الله ، والاعتصام بحبل الله : كتاب الله ونبي الله ـ عقيدة الإيمان وعمل الإيمان ، إنها حبل من الله ، ثم جماعية الاعتصام بحبل الله على تكوّن أمة فيهم داعية الى الخير آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر ، وعدم التفرق عن دين الله أو في دين الله ، إنها حبل من الناس ، دون سناد إلى النسناس. وإذا : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً).
ثم حبل اليهود من الناس لن يفيدهم خروجا عن ظاهر الذل إلّا مرتين على بقاءهم في مسكنتهم : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) إفسادا في الأرض كل الأرض مرتين ، وعلوا كبيرا مرة واحدة هي الثانية (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) واحتلال فلسطيني ومن ثم القدس ولحد الآن هي المرة الأولى من الإفساد العالمي بعلوّ غير كبير ، وسوف يقضي عليهم (عِباداً لَنا) أقوياء صالحون يجوسون خلال الديار (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً).
(ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) ردا لإسرائيل الى ما كانت اوّل مرة وأقوى علوا : (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً ... فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) المرة الآخرة الثانية ، «ليسوءوا» هؤلاء العباد الصالحون «وجوهكم» أسوء من الأولى (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) (لأقصى) (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) (١٧ : ٧).
ولم يسبق لإسرائيل إفساد عالمي طول تاريخ إفسادهم أن يؤسسوا دولة