وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) تدليلا على انهم وإياهم سواء في التوحيد مهما اختلفوا في شرائع التوحيد.
ثم نراهم بنفس الصيغة في الحج ومع المجوس يردفان بالثلاث الأخرى من الموحدين ، خمسا تجاه المشركين : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) مما يدل على ان الخمس الأوّل ليسوا في عداد المشركين مهما كانوا منحرفين في عقيدة التوحيد ، ولكنهم تجمعهم كلمة التوحيد : ان ليسوا وثنيين.
ومن الملاحظ ان الأوليين تحكمان بالنجاة لمن آمن منهم إذ لم يكن بينهم مشركون ، ثم الثالثة تأتي بكلمة الفصل فيما بينهم بدل النجاة ، حيث الانفصالية للذين أشركوا عمن سواهم في عقيدة التوحيد ، مما يبرهن ان العبرة في مجال النجاة انما هي بحقيقة العقيدة ، دون عصبية جنس او طائفية ام ماذا من الفوارق.
لذلك ترى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) لا تكفي نجاة بمجرد أنهم مسلمون ، كما الألقاب الأخرى على سواء ، اللهم إلّا بانضمام الحقيقة الى الادعاء : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً) دون الادعاءات الخاوية الجوفاء من : مسلمين او الذين هادوا والنصارى والصابئين والمجوس ام من ذا؟ من المنسلكين في سلك التوحيد بألسنتهم ـ فقط ـ ام وفي عقائدهم ايضا ، إلّا بمظهر العمل الصالح للايمان بالله واليوم الآخر.
ف (الَّذِينَ آمَنُوا) هنا هم المسلمون المؤمنون بالرسالة الإسلامية دون المنافقين إذ لا ايمان لهم ولا عمل صالحا ، إنما هم المؤمنون ، دخل الايمان في قلوبهم او لمّا يدخل وهم في سبيل الإيمان ، وهذه مواصفة للمسلمين غير