المنافقين في مئات الآيات تكريما لهم بكرامة الإيمان ، دون الألقاب الخاوية الأخرى (١) ولا ينافي تكراره ذيل الآية بملحقات أخرى (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ...) حيث المعني من الأول مطلق الايمان والآخر هو الإيمان المطلق كما في : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ...) (٤ : ١٣٦).
(وَالَّذِينَ هادُوا) هم اليهود ، يذكرون بهذه الصيغة في آيات عشر ، وكما يذكرون هودا او اليهود ، وعلّ الأصل من «هدنا إليك» (٢) رجوعا عما طلبوا من رؤية الله جهرة ، وعما عبدوا العجل ، الى الله وحده حيث مقالهم : (.. وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ ...) (٧ : ١٥٧).
(وَالَّذِينَ هادُوا) قد تأتي علما لليهود كطائفة ، هادوا هكذا أو لم يهودوا ، كما هنا ، حيث يستثنى أخيرا في النجاة من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا كما للمؤمنين وسواهم من المذكورين ، وقد تأتي تنديدا وتعريضا بالذين سمّوا هودا ولم يهودوا : (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦٢ :
__________________
(١) تتكرر هذه المواصفة لهم في القرآن (٢٥٨) مرة في مختلف الواجهات ، والدرجات الايمانية ، ولكنما المنافقون لا يعبر عنهم الا به او يشملهم المسلمون حيث يعمهم والمؤمنين بقلوبهم والذين هم في سبيل الايمان.
(٢) الدر المنثور ١ : ٧٤ ـ اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن نجى عن علي (عليه السلام) قال : انما سميت اليهود لأنهم قالوا : انا هدنا إليك.