فقد توحي «اقرأ» أنه ما كان قارئا قبله ، ثم «باسم ربك» يعلمه بماذا يبدأ قراءة الوحي ، ولأن أفضل أسمائه هو الله ، فباسم ربك هو «بسم الله» ثم «الذي خلق» هو «الرحمن» حيث الخلق هو أعم الرحمات ولا أعم من «الرحمن».
ومن ثم (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) هو الرحيم ، فانه رحمة خاصة ، ثم الأخص منه (الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) ثم (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) رحيم في أخصه حيث يعم سائر الوحي على سائر رجالات الوحي.
فبداية الوحي تلميحة كتصريحه بأفضل آية من كتاب الله (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) حيث هي تقرأ قبل كل أمر ذي بال والقرآن يفوق كل أمر ذي بال!
وقد صلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مع علي وخديجة لما رجع من بازغة الوحي ، وبطبيعة الحال قرأ الحمد ، إذ «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» (١).
__________________
ـ اوّل ما نزل به جبرئيل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال يا محمد استعذ ثم قل : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
(١) الدر المنثور ١ : ٢ ـ اخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابو نعيم والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة والواحدي والثعلبي عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لخديجة : إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت ان يكون هذا امرا فقالت : معاذ الله ما كان الله ليفعل بك فو الله إنك لتؤدي الامانة ، وتصل الرحم وتصدق الحديث ـ الى ان قال ـ : سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأرض فقال ورقة لا تفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني فلما خلا ناداه يا محمد! قل : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين ـ حتى بلغ ـ ولا الضالين ـ فأتى ورقة فذكر له ذلك فقال ورقة ابشر ابشر فاني اشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وانك على مثل ناموس موسى وانك نبي مرسل.