(٧ : ١٥٦) فالرحمة الواسعة هي الرحمانية حيث تسع كل شيء ، والمكتوبة هي الرحيمية التي تخص المؤمنين المتقين.
وما «الرحمن بجميع خلق والرحيم بالمؤمنين خاصة» (١) إلّا بيانا لمصداق خاص للرحيم بين مختلف مصاديقها ، فانها تعم الكافر الذي هو في سبيل الهدى كما تصرح لها آيات وتلمح لها أخرى ، كما تعم السابقين والمقربين المخلصين ، وبينهما متوسطون ، وهم المؤمنون فعلا بدرجاتهم (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٩ : ١٢٨).
ثم الرحمة وهي في الخلق رقة ، ليست في الخالق كما هيه ، فانه «رحيم لا يوصف بالرقة» (٢) ف ان الرحمة ما يحدث لنا منها شفقة ، ومنها وجود ، وان رحمة الله ثوابه لخلقه ، والرحمة من العباد شيئان أحدهما يحدث في القلب الرأفة والرقة لما يرى بالمرحوم من الضر والحاجة وضروب البلاء ، والآخر ما يحدث منا بعد الرأفة واللطف على المرحوم ، والمعرفة بما نزل به ، وقد يقول القائل : أنظر إلى رحمة فلان ، وإنما يريد الفعل الذي حدث عن الرقة التي في قلب فلان ، وإنما يضاف إلى الله عز وجل من فعل ما حدث عنا من هذه الأشياء ، وأما المعنى الذي في القلب فهو منفي عن الله كما وصف عن نفسه ، فهو «رحيم لا رحمة رقة»(٣).
فالرحمن والرحيم هما من الصفات المتشابهة : كالسميع والبصير وأضرابهما ، يجب ان تجرد لله عن صفات الحدوث ، مشاركة في الألفاظ
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ٤٤ محمد بن يعقوب باسناده عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تفسير بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فقال ...
(٢) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام).
(٣) في كتاب الإهليلجية عن الامام الصادق (عليه السلام).