ومباينة في المعاني ، فانه تعالى وتقدس «باين عن خلقه وخلقه باين عنه» و «لا يتغير بانغيار المخلوقين كما لا يتّحد بتحديد المحدودين» فإنما رحمته تعالى رحمانية ورحيمية هي معاملة الرحمة دون رقة في قلب أو سواه ، إذ ليس له انفعال وانغيار أو رقة في قلب أو سواه ، فصفات الله تعالى تفسّر كما يناسب ساحة الذات (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).
وإذا كان البدء باسم الله يمثّل ما يعيشه المسلم من الكلية الأولى من توحيد الله ، فان استغراق الرحمة لحالاتها ومجالاتها رحمانية ورحيمية يمثّل كلية ثانية تقريرا لعلاقة المسلم في حياته كلها بالله ، عائشا في ظلال رحمته أينما حلّ وارتحل.
وقد أجملت البسملة عن الأصول الثلاثة ، ما توضّحه الفاتحة ، وتفصّله القرآن العظيم.
ف (بِسْمِ اللهِ) تعني الفقر الى الله ، ولزوم مصاحبة عبادة الله ، تدليلا من رسول الله ، وسواها مما تعنيه في مثلّث معاني الباء ومسبّع الاسم.
كما «الله» تدل على وحدانيته ، حيث الكائن اللّامحدود وهو صرف الوجود بكافة اللّانهايات من كمالات الوجود ، يستحيل تعدده ، فان لزام التعدد وجدان كل ما يفقده الآخر وهو نقص وحدّ.
ثم الرحمن تدلنا على باسط رحمته وواسع رأفته ، وقضيته (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٢٠ : ٥٠) وكما الأشياء درجات ، فهدايتها درجات حسب الدرجات ، وللإنسان وهو في أحسن تقويم أعلى الهدايات.
ثم الرحيم تقتضي هذه الرحمة الخاصة بالإنسان ، وقضيتها هداية الوحي المعصوم بواسطة نبي معصوم حيث يحمل رسالة الله بهداه ، وقضيته