ثانية ضرورة المعاد (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) ولو لا المعاد لكانت رحمة الهداية زحمة ، وكيف العالم القادر العدل الرحيم يترك القضاء العدل بين عباده؟ فإذ لا نرى جزاء وفاقا في الأولى فليكن في الأخرى «ولله الآخرة والأولى».
فهذه جملة مما في البسملة من المبدء والمعاد وما بين المبدء والمعاد.
وعلّ من حكم تثليث الأسماء (اللهِ ـ الرَّحْمنِ ـ الرَّحِيمِ) لتشمل عباد الله أجمع (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) (٣٥ : ٣٢) فهو «الله» للسابقين إذ يعبدونه لأنه الله وتلك عبادة الأحرار ، وهو الرحيم للمقتصدين إذ يعبدونه بين طامع في ثوابه وخائف من عقابه ، وهو الرحمن بسائر خلقه من الظالمين من يعفى عنهم ومن لا يعفى ، فإنهم تشملهم رحمته الرحمانية في الدنيا مهما كانوا كافرين!.
والبسملة حتى الضالين من كلامنا كما علّمنا ربنا كيف نكلّمه في معراجنا ، فانه تعالى لا يستعين أو يبتدء ويصاحب أمرا في أموره (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) كما وأنه لا يعبد ويستعين وإنما يعبد ويستعان ، ولا يطلب الهداية لنفسه إلى صراطه المستقيم ، مهما يحمد نفسه ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ولكنه ايضا إعلام وتعليم.
ف (بِسْمِ اللهِ) في كل ما عناه لأنه «الله» و (بِسْمِ اللهِ) لأنه «الرحمن» و (بِسْمِ اللهِ) لأنه «الرحيم» فإذا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢).
ان «الحمد له» تتلوا البسملة في الفضيلة فانها بداية كل امر ذي بال