بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) (١٣ : ١٣) ومن كل شيء : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (١٧ : ٤٤).
ومن لزام الحمد معنويا أن يشفّع بالتسبيح ، تسبيحا بحمده ، حيث الحمد ثناء على ثبوتية الصفات ، فلأنها فيما نعرفه من صفات تصاحب خالجة الإمكانيات الخارجة عن ساحة الذات ، نسبّحه بحمده عن صفات الممكنات ، فنعني من حمده بعلمه وحياته وقدرته نفي الجهل والموت والعجز عن ذاته حيث الثابتات منها في معروفنا ممكنات ولا نستطيع تصورها كما يناسب ساحة قدسه ف (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ. إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٣٧ : ١٦) :
لذلك لم يرد في ساير القرآن حمد بألسنة غير المخلصين من المكلفين ، إلّا الله حيث يحمد نفسه ، فهذا نوح يؤمر : (فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٢٣ : ٢٨) : وإبراهيم (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) (١٤ : ٣٩) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) (٢٧ : ٩٣) وداود وسليمان (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ) (٢٧ : ١٥) إلّا ما حكاه عن أهل الجنة وهم المطهرون من خطأ القول وخطله : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠ : ١٠).
فنحن إذ نؤمر بالحمد في الحمد وفي ساير الأحوال فلنشفعه بتسبيحه حتى يكون كما وصفه عباده المخلصون : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٧ : ١٨٠).
والحمد ـ ككل ـ هو الثناء الجميل على الجميل ذاتا وأفعالا وصفات ، ف «الله» حمد للذات بصفات الذات ، و (رَبِّ الْعالَمِينَ) حمد لصفات الفعل والأفعال ، فهو (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٢٠ :