وعلّهم قدموا أنفسهم أولا (وَنَحْنُ أَحَقُّ) لأنهم من بني إسرائيل وطالوت من القبط؟ او «كانت النبوة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف وكان طالوت من ولد بن يامين اخي يوسف لأمه ، لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة» (١)؟ أم ايّا كان ف (نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ).
ومن ثم (لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) أوسع منا حتى يبرر التغاضي عن الأحقية الوراثية ، وكل ذلك غبش في خاطئة التصورات ، حصرا للأحقية في ميزان الله فيما هم فيه يحصرون من وراثة او مال ، ولا صلة لأحدهما بحق القيادة الحربية ، وهنا الجواب الحاسم ، الذي يحمل أسس الاصطفاء للملك في حقل القتال :
(قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)
فالبسطة في العلم يفسح له مجال القتال الناجحة في كل أبعادها وشؤونها ، فكم من وسيع المال وهو يجهل شؤون القتال ، لا تفيد قيادته إلا زيادة في السقوط ، ولو صرف كثير المال في سلاح الحرب ، ولكنه ماذا يفيد السلاح ما لم يكن للقائد صلاح لشؤون الحرب.
ثم البسطة في الجسم يفسح له مجال التقدم في الهجوم ، وأن يكون في مقدم الجيش ، مما يستجيش كامل القوات الحربية للمحاربين ، ويستأصل كل حزم وعزم عن المعاندين ، فكم من بسيط العلم والمال قد يخسر القتال لهزاله فلا يقدم الجيش ، أم إذا تقدم فهو بنفسه قد يسبب الانهزام.
فالبسطة في العلم في حقل القتال هو رأس الزاوية حيطة وخبرة بشؤون الحرب وتكتيكاتها الناجحة ، والبسطة في الجسم زاوية ثانية هي تطبيق للأولى في
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٤٥ من حديث القمي المفصل حول القصة.