المحدد بعدد اصحاب بدر (١). (فَلَمَّا فَصَلَ ... قالَ) والقائل بطبيعة الحال هو طالوت قائد الجند ، مهما كان قوله من قول نبيهم إذ لم يكن هو بنفسه نبيا.
والابتلاء هنا ذو بعدين مرضيين في تجنيد الجنود ، ابتلاء بتعود الصبر على الشدائد ومن أشدها العطش حالة الحرب ، وهي تتطلب استعدادا بدنيا كما هو روحيا.
ومن ثم ابتلاء بمدى اتباعهم لأمر القائد بما أمر الله ، فلا خير فيمن لا يتصبر على الشدائد ، ولا يصغي إلى أمر القائد ، وانفصاله خير من اتصاله ، وفصله قبل العراك خير منه بعده ، حيث الفصل الأخير هزيمة للجنود عن بكرتهم.
هنا تتجلى الحكمة الربانية في اختيار طالوت عليهم ملكا كقائد الجنود ، مقدما على معركة صاخبة ومعه جيش من أمة مغلوبة قد عرفت الهزيمة في تاريخها المرير مرة بعد أخرى ، وهي الآن تواجه جيش أمة غالبة سحقته قبل ردح في قتال ضارية.
إذا فلا بد من استعداد وقوة كاملة كامنة في ضمير هذا الجيش ، بإرادة تضبط الشهوات والنزوات ، وتنضبط بقيادتها الصالحة الربانية لكي تجتاز
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣١٨ ـ أخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأصحابه يوم بدر : أنتم بعدة اصحاب طالوت يوم لقى وكان الصحابة يوم بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، وفيه أخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : كان عدة اصحاب طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وبضعة عشر.
وفيه تفسير الفخر الرازي ٦ : ١٨٢ ـ ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأصحابه يوم بدر : أنتم اليوم على عدة أصحاب طالوت حين عبروا النهر وما جاز معه إلّا مؤمن.