اجل! وانها قاعدة رصينة في حقل الإيمان الأمين ، للذين يظنون أنهم ملاقوا الله.
وكما نرى هذه الفئة القليلة العدد ، الكثيرة العدد ، قررت مصير هذه المعركة الصاخبة الضارية ، حين ارتبطت برباط الإيمان بالله ، والاطمئنان بنصر الله ، تصبرا في النضال في سبيل الله وتطلبا ـ مع ذلك كله ـ إفراغ الصبر عليها من الله :
(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) ٢٥٠.
(وَلَمَّا بَرَزُوا) ـ (الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) (لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) في ميدان النضال بحرب عضال ، وأحسوا عدتهم وعيدتهم الكثيرة الكثيرة ، أمام أنفسهم القليلة اليسيرة «قالوا» بكل كيانهم وإمكانهم قول القال والحال والفعال : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) يكافح ما أفرغ علينا عدوانا وسبرا ، صبرا باستقامة دون فرار ، بكل ثبات وقرار ، صبرا تتكسر عنده كافة الصعوبات في ذلك النضال العضال ، فيضا منك يغمرنا ويعمرنا بانسباك سكينة وطمأنينة ، احتمالا لكل الأهوال والمشقات على أية حال.
(وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) في كل إقدام ، أقدامنا في قلوبنا قبل قوالبنا سياجا عن الانهزام والتفلّت من الميدان ، او اي تلفّت وميدان ، فلا تزل أقدامنا ، ولا يضل إقدامنا ، فنظل مرتكسين تحت الوطأة الحمأة اللعينة ، وبالنتيجة :
(وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) نصرة الإيمان على اللاإيمان ، فقد بعثت لنا ملكا قائدا ، وابتليتنا بنهر فجزنا بلاءك ناجحين ، فجز بنا هذه الحرب منتصرين ، فإنا منك وإليك وفي قبضتك يا أرحم الراحمين.