اجل فقد (رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) على من كلم الله وأوتي البينات وأيد بروح القدس ، حيث أوتي ما أوتينا وأتوا وزيادة خالدة تحلق على كافة الدرجات الرسولية والرسالية ، بهيمنة عالية متعالية عليها ، لحدّ يعبر عنه بالرسول دون سائر الرسل ، كأنه هو الرسول فقط ، ويعبر عن وحيه ب (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) حين يعبر عن سائر الوحي بالوصية : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...)!.
ويعبر عنه بين الشهود الرساليين بشهيد الشهداء وبكتابه تبيانا لكل شيء : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (١٦ : ٨٩) ، كما وهو رسول إلى النبيين : (ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ ...) (٣ : ٨١) ، وحين يقسم الله بعمر لا يقسم بينهم الا بعمره : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (١٥ : ٧٢).
ذلك! وقد ارتسمت للبشرية في هذه الرسالة الطليقة ، الحقيقة بالخلود ، هندسة البناء لكل ما يتبناه ما طلعت الشمس وغربت ، إعلانا صارحا صارخا بذلك المنهج الواسع الذي يسع كل النشاطات البشرية ـ أماهيه ـ المقبلة ، إماما لها على طول خطها إلى يوم الدين ، (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ ...)
«لو» هنا تحيل مصلحيا تلك المشية التكوينية المسيرة لترك الاقتتال من بعد الرسل ، فالرسالة الإلهية هي رمز الوحدة الدينية القاضية على كل الخلافات الضارية ، المنتهية إلى الاقتتال.
فلو شعرت البشرية على ضوء البينات الرسالية ان الرسالة واحدة الاتجاه ،