وليست كلمة التوحيد ـ فقط ـ لفظة تقال ، فانما هي القول بها في مقال وحال وفعال في كافة الأحوال ، وهكذا تكون حصنا لمن دخلها ، حصنا لفطرته عن تفطّرها ، ولعقله عن جهله ، ولصدره عن ضيقه ، ولقلبه عن تقلبه ، وللّبه عن تحرفه ، ولفؤاده ان يتفأد إلا بنور المعرفة ، ولحواسه وأعضاءه إلا في خدمة الله وعبادته ، وعباده ، حيث تبدأ كلمة التوحيد من الفطرة الى العقل الى الصدر الى القلب الى اللب الى الفؤاد ، شاملة كل جوانب الروح وأعماقه ، ظاهرة في كل الحواس والأعضاء دون إبقاء ، فيصبح الموحد بكل كونه وكيانه داخلا في حظيرة التوحيد لحضرة الواحد الحق المتعال.
(الْحَيُّ الْقَيُّومُ)
«الحي» فلا حي ـ كما لا إله ـ الا هو : (هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٤٠ : ٦٥) (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) (٢٠ : ١١١) (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) (٤٥ : ٥٨) وكل حي يموت بل هو ميت حال حياته.
«القيوم» فلا قيوم إلّا هو ، قيوما بذاته لذاته ولخلقه ، قائما على كل نفس بما كسبت وقائما بالقسط تكوينا وتشريعا.
و (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) هما يعنيان كل صفات الفعل الى صفات الذات : العلم والقدرة والحياة ، فهما ـ إذا ـ اجمع صفات الله ذاتية وفعلية.
ثم «الحي» هي كأصل من صفات الذات مهما كانت مصدرا لصفات الفعل حيث الميت ليس ليفيض الحياة ولكنه حي في ذاته قبل ان يخلق خلقا وبعد ما يفنون.
وهو من متشابهات الصفات حيث يشترك في التعبير عن الحيات بين الله وخلقه الأحياء ولكن اين حياة من حياة ، فان الله هو الحياة والخلق ليس في ذاته