إلّا الممات ، وحق المعنيّ من الحي لله يباين كليا المعنيّ من حياة الخلق ، فقد اشترك فيهما الاسم واختلف المعنى دون أية مشاركة اللهم إلا في عدم الموت فيهما ، فلا نفهم من حياته إلا انه ليس بميت دون جهة من جهات الإثبات في حياته ، ونفهم من حياة الخلق كلا جهتي النفي والإثبات ، فحياته تعالى تباين حياة خلقه ، وحياتهم تباين حياته فإنه «باين عن خلقه وخلقه باين منه» ، حيث الحياة الإلهية هي عين الذات وذاته عين الحياة ، لا تختلفان عن بعضهما البعض إلا في تحبير اللغات ، ولكي يحظوا الخلق معرفة مّا الى حضرة الحياة ، إذ لا يعرفون من الذات المقدسة أمرا بالذات ، ولولا الخلق لما كان تحبير اللغات وتعبير العبارات عن صفات وصفات ، إذ يعرف هو نفسه بالذات دون وسيط العبارات.
ذلك! ثم سائر الحياة هي على حدوثها عارضة على الذوات ، وهي على عروضها ليست حقيقة الحياة ، محدودة زائلة كما الذوات ، خليطة بموتات وموتات ، بل نفس هذه الحياة هي بجنب حياته من الموتات ، فصدق الحياة عليها مجاز بعيد ، وصدقها عليه تعالى هو حق الحقيقة ولا تجتمعان إلّا في التعبير وتحبير اللغات.
ولأن الله هو المحيي لكل حي فحياة الخلق ـ إذا ـ من خلق الله ، فهي إذا مباينة لحياة الله حق البينونة بين الخالق والمخلوق ، حيث الخلق بين إنشاء لا من شيء كما في الخلق الأول ، او من شيء خلقه قبل ، وليس من شيء ذاته القدسية حتى يشابه ذاته كوالد وما ولد ، فحياته واصبة كل الحياة دون ان تتفرع وتتولد عنها حياة ، وحياة الخلق راسبة في موتات ، ناشئة عن ميتات وذاهبة الى موتات وهي بينهما في الحق ممات ، لا حظوة لها من حق الحياة ولا مثقال ذرة ، وفيما الحياة المجازية في الخلق لا محسوسة ولا معقولة ، فبأحرى حياة الله الا في تأويل