و «القيوم» فيعول المبالغة القمة من القيام ، قياما في مربعة الجهات رابعتها التقدير ومنه الهداية (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) فهو قيوم في ذاته وقيوم لخلقه تكوينا وتشريعا وتقديرا ، فلا قيوم إلّا هو كما لا حي الا هو إذ لا اله إلّا هو الحي القيوم.
فمن قيوميته في ذاته سرمديته بأزليته وأبديته وغناه المطلق في ذاته.
ومن قيوميته في صفات ذاته انها عين بعض كما هي عين ذاته ، دون قوام بعضها ببعض ثم قوامها ككل بذاته قضية التركب فالحاجة فالحدوث في ذاته وصفاته.
ومن قيومية في رحمتيه رحمانية ورحمية قيامه بالقسط (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ... قائِماً بِالْقِسْطِ) (٣ : ١٨) قسطا يحلق على كل أقساط الخلق والتقدير والتدبير ، ومنه قيامه على كل نفس بما كسبت (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ ...) (١٣ : ٣٣) وقياما على العباد بمصالحهم ، وحيطة عليهم بما يكسبون ، وحفظه لهم فيما يكسبون : «هو القاهر على عباده ويرسل عليكم حفظة ...» (٦ : ١٦) حفظة يحفظونهم بأمر الله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (١٢ : ١١) وكما يحفظون الأعمال : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ) (٨٢ : ١٠).
لذلك فقد (عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) في كل المواجهات والوجوه دون إبقاء في وجه من الوجوه ، وهنا «القيوم» وصفا للحي كما هو وصف لله يجعل كافة عوامل الموت والحياة والفقر والغنى خارجة عن ذاته وصفاته جلت عظمته ، فهو «الله : الحي ـ الله : القيوم ـ الحي : القيوم».
ولزام قيوميته تعالى عدم تبعضه وتركبه في ذات صفات ، وعدم قيامه في موضوع او مادة او صورة ، ولا في زمان او مكان او ايّ كان.