(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
وليس هذا من الإكراه في الدين ، بل هو حمل على سلوك سبيل الحق حتى يتبين لهم الحق ، ثم لا إكراه بعد ما تبين لهم الحق.
فالحمل على الإقرار باللسان بالنسبة لمن بيّن له الحق وليس ليقبله او يقبل اليه ، ذلك حمل على قضية الفطرة والعقلية الصالحة ، وحتى يتبين الحق بكامله ، كما الحمل على فعل المعروف وترك المنكر بالنسبة لمن تبين له الحق فيهما ، حمل على قضية الإيمان الحاصل ، غير الكامل.
وقد يعم «لا إكراه» التكوين والتشريع ، سلبا للحمل على الإيمان شرعيا وواقعيا ، فهو يعم الإخبار والإنشاء : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ، وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) (١٠ : ١٠٠).
فالله ـ وهو قادر على أن يحملهم على الإيمان تقليبا لقلوبهم إليه ـ لا يشاءه تكوينا ، فضلا عمن سواه مهما كان رسول الله فضلا عن سواه.
ذلك وإنما يتحقق الإكراه مكروها او ممنوحا في مظاهر الإيمان دون أصله ، أن يكره المؤمن على ترك عمل الإيمان أو فعل ما ينافي الإيمان فانه محرم ويشمله «لا إكراه» : ف (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ ، مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٦ : ١٠٦).
او يكره الفاسق على عمل الايمان وترك ما ينافي الايمان كالخطوة الأخيرة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سدا لثغور الفساد (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ