ولا يصح هكذا تقييد فيما يمكن تقيد المطلق بلفظ يبينه ، فأي فرق بين «ان تطأ زوجا غيره» و (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) و «تطأ» أخصر حروفا من «تنكح»؟
فإنما يصح التقييد في لفظ لو جيء به مقيدا لطال بما لا يناسب اختصار القرآن ، دون الألفاظ التي لا يطول بها إلّا قليلا يتحمله القرآن ، أم هي سواء ، فضلا عن الأقل كما هنا.
فحتى إن لم تدل أحاديث الفريقين على شريطة الدوام والوطء لكانت الآية صريحة الدلالة عليهما دون ريب.
__________________
ـ شيبة عن علي (عليه السلام) قال : لا تحل له حتى يهزها به هزيز البكر.
وفيه اخرج ابو إسحاق الجوزاني عن ابن عباس قال سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : لا إلّا نكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله ثم يذوق عسيلتها ، وفيه اخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن نافع قال : جاء رجل الى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه هل تحل للاوّل؟ فقال : لا الانكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن طريق أصحابنا ما رواه العياشي في تفسيره ج ١ : ١٦٦ عن سماعة بن مهران قال : سألته عن المرأة التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟ قال : هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة فهي التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره وتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها وهو قول الله : الطلاق مرتان ... حتى تنكح زوجا غيره ـ التسريح التطليقة الثالثة ، ورواه في الوسائل ب ٤ من أبواب اقسام الطلاق ح ١٣ ، وقد وردت أحاديث عدة مثله في اشتراط الوطء في الباب ٤ ـ ٧ من أبواب اقسام الطلاق ، بمثلث التعبير : الدخول ـ ان يذوق عسيلتها ـ ... وان تذوق عسيلته.
(٢) مما يؤيد شرط الدوام ما رواه الشيخ في التهذيب ٣ : ٢٥٩ عن الصيقل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له : رجل طلق امرأته طلاقا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فتزوجها رجل متعة أتحلّ للاوّل؟ قال : لا ـ لأن الله تعالى يقول : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها ...) والمتعة ليس فيها طلاق!.