فإرضاع الوالدات هو في أصله من إتمام الرضاعة كمالا نفسيا وصحيا ، وهو في كيفية الصالح من إتمامها كذلك (١) ، وهو في كمه قدرا وزمنا (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) من إتمامها ، وعلّ (أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) تعني هذا المثلث بكل زواياه وحواياه.
أترى إن أردن إتمام الرضاعة حولين كاملين ولم يرده المولود له ، هل عليه أجرة الثلاثة الزائدة إن طلبت؟ طبعا لا ، اللهم إلّا أن يريد ذلك فعليه أجرة الزائد.
ذلك ، وبأحرى ألّا تجب عليه الأجرة على الزائد من (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) ، ولا حملها عليه بأجرة ، فإن (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) مربوطة فقط ب (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) دون ما زاد عليهما.
ومما تلمح له وصف حولين بكاملين ، أنّ الناقص عنهما هو حدّ الفرض ، فقد يصدق على واحد وعشرين شهرا حولان ، ولكنهما غير كاملين ، فهما كاملين أربع وعشرون شهرا وهي تمام الرضاعة : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ).
ولأن تمام الرضاعة هو (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) فالرضاعة بعدها ليست واجبة ولا راجحة ، ولا رصيد لها في أحكام الرضاعة أبدا ، ولأن (حَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) فالحولان الكاملان هما أقصى الرضاعة ف «لا رضاع بعد فصال» (٢) و «لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين» (٣) و «لا يحرم من
__________________
(١) في الفقيه ٦ : ٤٠ عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال امير المؤمنين (عليه السلام): «ما من لبن يرضع به الصبي أعظم عليه بركة من لبن امه» وفي عيون الاخبار قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس للصبي لبن خير من لبن امه.
(٢) الدر المنثور ١ : ٣٨٨ ـ أخرج الطيالسي والبيهقي عن جابر قال قال رسول الله (صلى الله عليه ـ