ومن مات لا يشرك بالله شيئا قد يغفر له سائر سيئاته بميزان العدل والفضل من الله ، وقد لا تغفر فيستحق أبدا النار دون خروج منها إلى الجنة كرؤوس الضلالة من الموحدين أو أهل الكتاب.
فلا تعني هذه الآية أن المشرك بالله أيا كان إشراكه هو مخلد في النار أبدا ، فإنما لا يغفر ان يشرك به فيذوق وبال امره فيه قدره أبدا أم دونه.
ولا أن غير المشرك بالله يغفر له كل سيئاته مهما كان كفرا ، وإنما يجوز له الغفران كما يشاء الله.
فلا تعني ـ إذا ـ التسوية بين قبيلي الإيمان والكفر دون الإشراك ، ولا بين مختلف دركات الإشراك ودونه من الكفر ، حيث التسوية بين مختلفي الاستحقاق ظالمة على أية حال (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
إذا فالإشراك بالله لا يغفر بصورة طليقة تعم كافة دركاته دونما استثناء ، ثم المظالم بالنسبة لخلق الله لا تغفر لأنه ظلم بحق الخلق ، اللهم إلّا أن يغفره المظلوم في نفسه ، أم يحمّله الله على غفره بما يبدل له من حسنة.
ثم المظلمات الأخرى هي أهون غفرا مما سواها ، و (يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) تشمل الآخرين.
فقد يغفر السكر والزنا ولكن الإشراك لن يغفر ، لأنه مسامحة عن حق الربوبية وهو ظلم لا ينجبر ، وسائر الظلم قد تنجبر.
وترى حين لا يغفر المشرك الوثني بالله ، فهل بالإمكان غفر من هم أحرص الناس على حياة منهم كما اليهود : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٢ : ٩٦)؟.