إن في كونهم أحرص منهم على حياة دلالة على اعتقادهم في حياة الحساب ، فهم يستأجلونها كيلا يستعجل لهم العذاب!.
وليس وعد النار بأيد الخلود فيها إلّا على المشركين الرسميين : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (٧٢) ثم يتلوهم سائر المنحرفين عن توحيد الله كما في آية تتلوهم : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٥ : ٧٣).
ومن ثم المرائين حيث زجّهم الله في صف المشركين : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١٨ : ١١٠).
فمهما شملت (أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) ثالوث الإشراك بالله ، ولكن أقانيمه تختلف في دركاتها ، فهي مختلفة في عقوباتها مهما اشتركت في سلبية غفرها.
فالإشراك المحبط لكافة الحسنات (١) هو الموعود عليه أبد النار إضافة إلى
__________________
(١) كما «وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» (٦ : ٨٨) «وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» (٥ : ٥) و «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» (١١ : ١٦).
«وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ» (٢ : ٢١٧) «فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ في الكفر ... حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ» (٥ : ٥٣) و (٩ : ٦٩) (أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٧ : ١٤٧) (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ) (٩ : ١٧) (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ـ