حتمية عدم الغفر ، وإشراك الرئاء لا يحبط إلّا العمل المرائى فيه فلا خلود فيه بمجرده في النار مهما لم يغفر نفس الرئاء ، والإشراك العوان بينهما لا يغفر ويعذب صاحبه دركا بدركه ولكنه ليس ليستحق به خلود الأبد في النار مهما حبطت منه صالحات قلت او كثرت.
ذلك ، وقد تعم نوازل الإشراك بالله كالرئاء وما دونها (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١٢ : ١٠٦).
ولو أنك فتشت الأكثرية المطلقة من قلوب الموحدين وجدتها مشركة حين ترى لمن سوي الله تأثيرا في الكون ، فليست آيات التنديد بالإشراك لتعنيهم كلهم ، اللهم إلّا المشركين الرسميين ، ثم المتوسطين ومن ثم ـ وفي آخر المجالات ـ المرائين.
فالموحد حين يوحد الله على حد قوله (وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) (٣٤ : ٢٢) فقد حقت له رحمة الله ، ومن سواه مشرك بالله مهما اختلفت دركاته كما اختلفت درجات الموحدين.
والإشراك في التشريع كما الإشراك في التكوين : (أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) (٤٢ : ٢١) ويتلوهما الإشراك في الطاعة كما
__________________
ـ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ» (١٨ : ١٠٥) (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٣٩ : ٦٥) (أولئك لم يؤمنوا فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٤٧ : ٩) (وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ) (٤٧ : ٢٨) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ) (٤٧ : ٣٢).
فلا يحبط كل الأعمال إلا الإشراك بالله والنفاق والتكذيب بآيات الله ولقاء الآخرة وعدم الإيمان وهو عبارة أخرى عن الشرك والارتداد عن الايمان وكراهة رضوان الله والكفر والصد عن سبيل الله ومشاقة الرسول وارادة الدنيا فقط.