(٢٤ : ٢١) تزكية في الأولى توفيقا لها وتعريفا بها ، وأخرى في الأخرى غفرا للذنوب وقبولا للشفاعة أمّاهيه من تزكيات أخروية ، فقد (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢ : ١٧٤) كهؤلاء المفترين على الله الكذب ، وقد يزكي كالصالحين من عباده تطهيرا لهم عما اعترضتهم من اللمم أو سيئات كما في آيات.
فمن زكّى نفسه فزكّاها الله توفيقا لها ، ثم زكاها إنباء أنه مزكّى فمحبور مشكور.
ومن لم يزك نفسه أم لم يعنه الله في تزكيته نفسه ـ فقلبه وعمله فارغان عن الزكاة ـ ثم ادعاها لنفسه ومن نفسه فمحظور.
ومن زكى نفسه بتوفيق الله ولما يتزك كما يرام أم تزكى ثم زكى نفسه كأنه هو الذي زكاها فهو كاذب في دعواه رغم زكاته (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ).
فليس الله ليظلم من لم يزكه واقعيا أم إنباء ، ولا من زكاه دون ما يرام ثم لم ينبئ إذ (لا يُظْلَمُونَ) المزكون وسواهم واقعا وادعاء (فَتِيلاً) حيث التزكية الربانية سلبيا وإيجابيا لا يعتريها أي ظلم ، فإنما يحتاج الى الظلم الضعيف.
والتزكية في قول فصل محظورة قوليا فارغا عن الواقع ، أو عمليا حين ترائي الناس فيما تعمله من الراجحات (١) وهكذا «يخشى الرسول (صلّى الله
__________________
(١) في معاني الأخبار للصدوق بإسناده إلى جميل بن دراج قال : سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) : قول الناس صليت البارحة وصمت أمس ونحو هذا ثم قال : إن قوما كانوا يصبحون فيقولون : صلينا البارحة وصمنا أمس فقال علي (ع) لكني أنام الليل والنهار ولم أجد بينهما شيئا.
وفي الإحتجاج للطبرسي عن علي (ع) ولولا ما نهى الله عن تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها قلوب المؤمنين ولا تسمعها آذان السامعين.