عليهما وعلى كل كتابات الوحي ، و «الحكمة» هنا تعم حكمة الكتاب إعلانا وإسرارا ، وحكمة تفهّم الكتاب وتطبيقه بعصمة الوحي أمّا دونه.
(وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ما أعظمه في الرسالة الإسلامية السامية في القيادات الروحية ، وكذلك الزمنية كما في زمن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نفسه حين أسس دولة الإسلام في المدينة المنورة ، ومن ثم في شطر من إمامة علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثم القيادة العالمية بكل حقولها زمن صاحب الأمر القائم المهدي من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
فكيف يحسد اليهود على ما آتى الله الناس المحمديين من فضله من بعد ما آتاهم من فضله وقد تلمح (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣ : ٣٣) تلمح لاختصاص آل إبراهيم بمحمد وأهليه المعصومين ، حين يراد بآل عمران موسى بن عمران ومريم بنت عمران ، أم هم أبرز المصاديق من آل إبراهيم وكما اختصهم في دعاءه عند بناء البيت بذكره : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) فهذه الأمة المسلمة هي من إبراهيم من إسماعيل دون إسحاق ، ولا تعني «آل إبراهيم» بني إسحاق فحسب ـ إن لم تعن فقط بني إسماعيل ـ حيث التنديد بحسدهم يرجع تقريرا له لمكان اختصاص الفضل ـ إذا ـ ببني إسحاق وهم لا يحسدون أنفسهم على ما آتاهم الله من فضله ، إذا فهم الأمة المتميزة المسلمة المخصوصة بدعاء إبراهيم (عليه السّلام).
__________________
ـ وممن أخرجه ابن المغازلي في المناقب كما في كفاية الخصام ٣٦٧ روي بسنده عن الإمام الباقر (ع) والسيد أبو بكر العلوي الخضرمي في رشفة الصادي ٣٦ وابن حجر الهيثمي في الصواعق ١٥٠ والسيد سليمان القندوزي في ينابيع المودة ١٢١ ، وأخرج ابن المغازلي من أبي صالح عن ابن عباس قال : هذه الآية نزلت في النبي (ص) وفي علي (ع) ، وأخرج عن جابر الجعفي عن محمد الباقر (ع) في هذه الآية قال : نحن الناس المحسودون.