وهكذا نرى أمر الشرعة وحيا دون وسيط البشر أم بوسيط ليس إلّا من الله (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ) (٢٨ : ٤٤) (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) (٤٥ : ٤٧) (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها) (٤٠ : ١٨).
ثم نرى تداوما في نزول كل أمر ليلة القدر ، النازلة ـ طبعا ـ على صاحب الأمر : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) (٩٧ : ٤).
أفيصح نزول كل أمر بواسطة الملائكة والروح على غير المعصومين (عليهم السّلام) ، كلّ في زمنه؟ (١) ولا تعني «الأمر» هنا في حقل الطاعة
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤٢٠ في كتاب الإحتجاج للطبرسي وعن أمير المؤمنين (عليه السّلام) حديث طويل : وقد جعل الله للعلم أهلا وفرض على العباد طاعتهم بقوله (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وبقوله : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) وفيه وقد ذكر (عليه السّلام) الحجج قال السائل من هؤلاء الحجج؟ قال : هم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومن حل محله من أصفياء الله وهم ولاة الأمر الذين قال الله فيهم : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وقال فيهم : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) قال السائل : ما ذاك الأمر؟ قال علي (عليه السّلام) : الذي به تنزل الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم من خلق أو رزق وأجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السماوات والأرض والمعجزات التي لا ينبغي إلا لله له ولأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه.
وفيه عن عيون الأخبار في باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان أنه سمعها من الرضا (عليه السّلام) مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء فإن قال : فلم جعل أولي الأمر وأمر بطاعتهم؟ قيل : لعلل كثيرة : منها ان الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا ألا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بأن يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم من التعدي والدخول فيما حظر عليهم لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره فجعل عليهم قيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام.