ذلك وقد قرر الإسلام للتحية والسّلام قرارات تصفوية تكملة للناقص منها وتوسعة للفظ التحية الى كل وقائعها بنطاق واسع تشمل كافة الحيويات الإسلامية ، وكما اختص لفظية التحية بالسلام دون سائر التحيات التي لا تفي بمعناه.
لقد كانت في الجاهلية تحيات العبودية والذل فقابلها الإسلام بتحية الحرية والعز وخصها لفظيا بالتسليم لأنه لقاء سليم : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً) (٢٤ : ٦١) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) (٢٧).
ولم يفرق بين العالي والداني في بداية التسليم ، بل هو من العالي أعلى ومن الداني أءدب ، ثم وحدّ كيفية التسليم على المؤمنين بشرف الإيمان ووئام الإسلام.
والتحية تفعلة من الحياة فهي تقديم حيوية لفظيا ك «حياك الله» وأفضله «السلام عليكم» أو عمليا كهدية تهدى أو هداية تهدي ، فكلّ حيوية تحيّا لفظيا في إخبار أو دعاء ، أو عمليا كسائر الهدايا الحيوية مادية ومعنوية ، فأقل الواجب تجاهها ردها والفضل فيه أحسن منها ، فمن يهديك هدى فعليك ـ إن استطعت ـ أن تهديه هدى يفقدها ، أو أحسن منها أو ـ لأقل تقدير ـ أن تشكره على ما هدى.
والتحية اللفظية الإسلامية هي السّلام بدائيا ودعاء الرحمة عند العطاس (١) والآيات المتواردة في تحية الإسلام في كل النشآت تختصها بالسلام
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٢٥ في كتاب الخصال فيما علم امير المؤمنين (عليه السّلام) أصحابه : إذا عطس أحدكم فسمتوه قولوا : يرحمكم الله وهو يقول : يغفر الله لكم ويرحمكم قال الله (وَإِذا حُيِّيتُمْ ...).