وهكذا يداوينا ربنا كيلا ننجرف في هوّات الخطيئات ، ولنعش على ضوء الإيمان بين الخوف والرجاء.
هنا «سيئاتكم» وجاه (كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) هي الصغائر ، فهي ـ إذا ـ مكفرة بترك الكبائر (١) كما وهي كل المعاصي حيث تفرد : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ..) (٤٣ : ٢١) ـ (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ..) (م : ٨١).
والكبائر هي جملة «كل ما وعد الله عليه النار» (٢) وتفصيلا هي مفصلة في الذكر الحكيم بذلك الوعد ، معروفة من أسلوب النهي والوعد والتكرار في الحظر ، ومن مقابلتها بالصغائر : (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) (١٧ : ٤٩) ـ (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) (٥٤ : ٥٣) (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) (٤٩ : ٧) فلا بد أن العصيان هو الصغيرة ثم الكفر كبيرة عقيدية والفسوق كبيرة عملية.
وقيلة القائل إن الله أخفى الكبائر بين الصغائر حتى تترك جميع المعاصي سياجا على الكبائر إنها قيلة عليلة لأنها غيلة من الله على عباده الضعاف وحيلة لا تصلح إلا من العاجز عن تدبير أمر خلقه ، ولا رحمة في ذلك الوعد حين لا
__________________
(١) راجع الجزء السابع والعشرين من الفرقان ص ٤٤٠ ـ ٤٤٥ تجد فيه تفصيلا آخر حول الكبائر والصغائر.
(٢) نور الثقلين ٥ : ١٦٤ عن ثواب الأعمال بإسناده الى عباد بن كثير قال : سألت أبا جعفر (عليهما السلام) عن الكبائر فقال : .. وفيه ١ : ٤٧٣ عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) في الآية قال : من اجتنب ما أوعد الله عليه النار إذا كان مؤمنا كفر عنه سيئاته ، وفي نهج البلاغة عن علي (عليه السّلام): «ومباين محارمه من كبيرا وعد عليه نيرانه أو صغيرا رصد له غفرانه.