القتال ، فإن السّلام يعم الإسلام والسّلم (١) ف (لَسْتَ مُؤْمِناً) سلب لإيمانه بالله كما هو سلب لإيمانه إياكم عن الحرب : لست مؤمنا بالله ، ولست مؤمنا إيانا.
ذلك وإن كانت الروايات المتواترة تختص السّلام هنا بسلام الإسلام فإنه أسلّم السّلام وأحقه بالتصديق وترك الحرب ، فمن ثم سلام السّلم : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (٨ : ٦١) ـ (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (٤ : ٩٠).
وقد ندد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أشد تنديد بالذين لم يقبلوا شهادة الإسلام ممن شهدها بلسانه قائلا «أقتلته بعد أن قال إني مسلم؟ ولما قيل له : إنما قالها متعوذا ، قال : أفلا شققت عن قلبه؟ قال : لم يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال : لتعلم أصادق هو أو كاذب ، قال : وكنت عالم ذلك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إنما كان يعبر بلسانه إنما كان يعبر بلسانه ..» (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٩٩ عن ابن عباس قال لحق ناس من المسلمين رجلا معه غنيمة له فقال : السّلام عليكم فقتلوه وأخذوا غنيمته فنزلت هذه الآية.
وفيه عن ابن عباس قال مر رجل من بني سليم بنفر من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو يسوق غنما له فسلّم عليهم فقالوا ما سلّم علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا له فقتلوه وأتوا بغنمه الى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فنزلت هذه الآية.
(٢) الدر المنثور ٢ : ٢٠١ ـ أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن الحسن أن ناسا من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذهبوا يتطرقون فلقوا ناسا من العدو فحملوا عليهم فهزموهم فشد رجل منهم فتبعه رجل يريد متاعه فلما غشيه بالسنان قال إني مسلّم فأوجره السنان فقتله فأخذ متاعه فرفع ذلك الى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للقاتل : أقتلته بعد أن قال إني مسلّم؟ قال يا رسول الله ... قال : ـ