ـ فما لبث القاتل أن مات فحفر له أصحابه فأصبح وقد وضعته الأرض ثم عادوا فحفروا له فأصبح وقد وضعته الأرض الى جنب قبره قال الحسن فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دفناه مرتين أو ثلاثة كل ذلك لا تقبله الأرض فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا برجليه فألقيناه في بعض تلك الشعاب فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ ..) وفيه عن قتادة مثله بزيادة فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ان الأرض أبت أن تقبله فألقوه في غار من الغيران قال معمر وقال بعضهم ان الأرض تقبل من هو أشد منه ولكن الله جعله لكم عبرة.
أقول : وقد أخرج في الدر المنثور جماعة وفيرة عن عدة من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اخطأوا ذلك الخطأ فندد بهم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ونزلت هذه الآية ، ولا جدوى لذكر أسمائهم.
ومن طريق أصحابنا روى القمي في تفسيره حول الآية إنها نزلت لما رجع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من غزوة خيبر وبعث أسامة بن زيد في خيل الى بعض قرى اليهود في ناحية فدك ليدعوهم الى الإسلام وكان رجل من اليهود يقال له مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى فلما أحس بخيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل فأقبل يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فمر به أسامة بن زيد فطعنه فقتله فلما رجع الى رسول الله أخبره بذلك فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : قتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله؟ فقال يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنما قالها تعوذا من القتل؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أفلا شققت الغطا عن قلبه ، لا ما قال بلسانه قبلت ولا ما كان في نفسه علمت فحلف أسامة بعد ذلك أن لا يقاتل أحدا شهد أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فتخلف عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) في حروبه وأنزل الله في ذلك : (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ..).
وفي الدر المنثور ٢ : ١٩٩ عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال بعثنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم الحرث بن ربعي أبو قتادة ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي فخرجنا معه حتى إذا كنا ببطن أضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع له وقطب من لبن فلما مر بنا سلّم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه ـ