ذلك ولكن (كُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) تخرج القاعدين أولي الإضرار بقعودهم ، أم بإقعادهم من سواهم فإنهم متخلفون عن مسئوليتهم فكيف وعدهم الله الحسنى ، كما وأن «الضرر» دون «الإضرار» قد يختصه بالعذر العاذر ، أن لم يقعده عن الجهاد في سبيل الله بنفسه إلّا قد يختصه بالعذر العاذر ، أن لم يقعده عن الجهاد في سبيل الله بنفسه إلّا العذر النفسي من عمى أو مرض أو هرم ، ولا بماله إلّا العذر المالي ، إذا ف (أُولِي الضَّرَرِ) هم ألوا الأعذار.
ومن القاعدين أولي الضرر هم الذين ظلوا في مكة بعد الهجرة مستضعفين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، ومن غير أولي الضرر ، غير المعذورين عن تلك الهجرة المجاهدة احتفاظا على أموالهم إذ لم يكن المشركون يسمحون لهم أن يحملوا معهم شيئا ، أم توفيرا لعناء الهجرة وما فيها من مخاطر ومحاظر إذ لم يكونوا يتركونهم يهاجرون وكثيرا ما كانوا يؤذونهم أو يحبسون ، فهم ـ إذا ـ قعدوا عن الهجرة حافظين على إيمانهم مستسرين عن المشركين ، حتى إذا وجدوا مجالات للتخلص عنهم كما في حروب ، فكانوا يدخلون معهم ثم إذا وصلوا إلى المؤمنين يسلّمون ويظهرون إيمانهم.
فقعود أولي الضرر : العذر ، لا محظور فيه أبدا ، وقعود غير أولي الضرر فيما لا يجب النهوض فرضا على الأعيان غير محظور ولا محبور ، ثم قعود أولي الضرر والإضرار محظور محظور ، والقادر على إزالة العذر ليس معذورا في أيّ من الواجبات على المستطيعين.
ثم «الضرر» تعم كافة الأعذار الشرعية نفسية ومالية وحالية ، فليس
__________________
ـ «أكتبوا لعبدي ما كان يعمله في الصحة الى أن يبرأ» وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عند انصرافه من بعض غزواته «لقد خلفتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم أولئك حبسهم الضرر».