فرض الجهاد على كافة المؤمنين القادرين ، وإنما قدر الواجب فيه أم والراجح ، ف (ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) (٩ : ١٢٢).
ولو أن «الضرر» لم تشمل عذر التفقة في الدين لغير النافرين ، فالتفقه جهاد كما القتال جهاد ، وهنا انقسام في واجب الجهاد بين النفر للقتال والبقاء للتفقه ، ولكلّ أهله.
وفي كل جهاد في سبيل الله مجاهدون وقاعدون أولوا الضرر والعذر وهما سواء ، وقاعدون غير أولي الضرر فلا سواء وإن كان (كُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) ثم قاعدون أولوا الإضرار خارجين عن الحسنى وان ليس للإنسان إلا ما سعى».
ذلك وللمتطوعين في سبيل الله السابقين إليها درجة على القاعدين غير المفروض نفرهم ، فإن للسابق إلى تحقيق الأمر الكفائي سابق الفضل والرحمة ، فلكل سعي ومحاولة في سبيل الله قدر المستطاع عملية أم في النية والطوية ، لكلّ درجة.
ولأن عدم المساوات بين المجاهدين والقاعدين قد يوحي بحرمانهم ـ على إيمانهم ـ من أجر ، لذلك يدركهم النص : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) فما تفضيل المجاهدين عليهم بدرجة مما يحرمهم عن حسناهم الموعودة قدر إيمانهم.
فللإيمان وزنه وقيمته على أية حال ، مع تفاضل أهله حسب الدرجات عقيديا وعمليا ، نهوضا بقضايا الإيمان وتكاليفه.
وهنا نعرف تماما أن القاعدين ليسوا هم من المنافقين ، بل هم من المؤمنين غير السابقين الى الجهاد بفرضه الكفائي ، والقرآن يستحثّهم تلافيا لذلك