مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله» (١).
وليس الموت أو القتل في سبيل الله ـ في احتمالها فيها ـ بالذي يهين عزم المؤمن ، فكلّ منهما هيّن في نفس المؤمن حيث الأجل إنما هو بيد الله ، فإذا هاجر بأمر الله ثم مات في طريقه أو في المهجر فقد تجاوب أمران إلهيان في موته أو قتله ف (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ).
ذلك! ولأن سبيل الله طليقة تشمل كل سبله المسبّلة للمؤمنين ، فقد تشمل سبيل الحج (٢) وسبيل الدعوة إلى الله ، وسبيل تحصيل العلم وسائر السبل الربانية مهما كانت درجات.
وقد فصلنا على ضوء آيات الحج أن المحرم الداخل في الحرم ـ بقدر متيقن ـ إن مات قبل المناسك كفى عن حجه او عمرته ، وعلّه ايضا لكل من المحرم والداخل في الحرم ، ثم لمن مات قبل الإحرام والحرم أجره مهما لم يسقط عنه حجه او عمرته ، فإن وقوع الأجر أعم من سقوط التكليف ، كما الناوي للحج ولمّا يستطع له أجره ولكنه إذا استطاع وجب عليه.
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٠٩ ـ أخرج ابن سعد واحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عتيك سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : ... ، وفيه عن ابن زيد قال : هاجر رجل من بني كنانة يريد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فمات في الطريق فسخر به قوم واستهزءوا به وقالوا : لا هو بلغ الذي يريد ولا هو أقام في أهله يقومون عليه يدفن فنزل القرآن (وَمَنْ يَخْرُجْ ..)
وفيه عن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال : هاجر خالد بن حزام إلى ارض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت فيه (وَمَنْ يَخْرُجْ ..).
(٢) المصدر أخرج أبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له اجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في سبيل الله كتب له اجر الغازي إلى يوم القيامة.