أصيلة ، ومن ثم تتأيد روايات المسيرة بأنها هي الملائمة لأصل الخوف المقصّر من الصلاة حيث يساميه أو يساويه التعب الأكثري بدنيا كما الخوف تعب روحيا ، وليس تلحيق ثمانية فراسخ ـ التي ليست في يومنا هذا بأكثرية الوسائل إلا دقائق ـ ليس تلحيقه بالخوف من العدو إلّا كجر الجمل بشعرة ، فما هي المناسبة بين دقائق مريحة من السفر وبين الخوف من العدو حتى يصطفّا في صف واحد في الإعذار عن إتمام الصلاة والصيام ، لا سيما وأن آية الإعذار عن الصيام تعلله بالعسر :
(.. فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ..) (٢ : ١٨٥).
فكما المرض المعسر في الصيام هو العاذر لا سواه ، كذلك السفر المعسر ، مهما اختلفا في فردية الإعسار كما في المرض ، وجمعيته كما في السفر ، فقد قررت المشقة أصلا في القصر (١).
ومن ثم فكيف بالإمكان في حكم الحكيم المنان أن يعذرنا عن الإتمام والصيام في سفرة مريحة خلال دقائق نجتاز فيها ثمانية فراسخ ، ولم يعذر المسلمين قبلنا في أقل منها وهم يجتازونها طوال يوم ، ولم تكن الطرق جادة معبّدة في نفسها ولا الوسائل المستفاد منها؟!.
__________________
ـ سنة» أقول : أي فصارت مسيرة يوم سنة كما في الخبر السابق دون «بريدان» وإلا كان حق العبارة «فصارا» فقد جرت السنة ـ إذا ـ على المسيرة دون الثمانية.
(١) في صحيحة زرارة سألت أبا عبد الله (عليه السّلام) أن أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات؟ فقال : ويلهم أو ويحهم وأي سفر أشد منه لا تتم» وعن معاوية عمار مثلها إلا انه قال : لا تتموا ، وعن علي بن مهزيار عن فضالة عن معاوية مثلها ورواه الكليني عن صفوان بن يحيى مثله (الوسائل ٥ : ٤٩٩).