وقد نستطيع دعوى الإجماع على تقدم المسيرة لأنهم رووا رواياتها الدالة على أصالتها ولم يأولوها أو يعترضوا عليها ، ولأن اختلاف التقدير هكذا ما كان ـ في الأكثر ـ يخلد بخلد.
فلم تكن المسألة مطروحة بين الفقهاء ، فلو كان إجماع فإنما هو على أصالة المسيرة ، ثم ولو كان إجماع على الثمانية المتخلفة عن المسيرة فهو مردود بمخالفة الكتاب والسنة ، إذ لا دور للإجماع في أصله ، فضلا عما يخالف الكتاب والسنة! فإنهما الأصلان الأصيلان في أحكام الله.
وفيما نسأل أن الأصل في الرباعيات هو الثنائية وقد زاد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخريين في الحضر (١) فالأصل هو الثنائية حتى يتأكد
__________________
ـ الأخبار وكذا لا اشكال فيما لو اعتبرت المسافة بالتقدير فوافق السير.
انما الاشكال فيما لو اختلفا فهل يتحير في العمل على أيهما كان أو لزوم القصر ببلوغ المسافة بأحدهما أو أنه يقدم السير لأنه اضبط او يقدم التقدير احتمالات استظهر أولها في المدارك والظاهران وجهه ورود النص بكل منهما ، واحتمل في الروض تقديم السير ، قال : لأن دلالة النص عليه أقوى إذ ليس لاعتبارها بالأذرع على الوجه المذكور نص صريح بل ربما اختلفت فيه الاخبار وكلام الأصحاب وقد صنف السيد السعيد جمال الدين أحمد بن طاووس كتابا مفردا في تقدير الفراسخ وحاصله لا يوافق المشهور ، ولأن الأصل الذي اعتمد عليه المصنف وجماعة في تقدير الفراسخ يرجع إلى اليوم ، لأنه استدل عليه في التذكرة بان المسافة تعتبر بمسير اليوم للإبل السير العام وهو يناسب ذلك.
ويظهر من الذكرى تقديم التقدير ولعله لأنه تحقيق والآخر تقريب أقول : لا ريب ان الاعتبار بكل منها جيد بالنظر إلى دلالة النصوص المتقدمة عليهما إلا أن الاشكال في التقدير من حيث الاختلاف في تفسير الفرسخ كما عرفت من اضطراب كلامهم في الميل والرجوع إلى الاحتياط بالجمع بين القصر والإتمام في موضع الاشتباه طريق السلامة والله العالم».
(١) نور الثقلين ١ : ٥٤٢ في الكافي عن أبي جعفر (عليهما السّلام) قال : لما عرج برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نزل بالصلاة عشر ركعات ركعتين ركعتين فلما ولد الحسن والحسين زاد ـ