هي راجعة الى المختان يوم الدنيا ويوم الدين ، مهما انضرّ بها المختان يوما من الدنيا.
فحين تضر الخيانة بالغير يوما مّا وهو مظلوم ، فقد تضر الخائن كل الأيام حيث يخون مبدء الإنسانية العطيفة العفيفة ، ويخون الأمانة الملقاة على عاتق الإنسان ، فيعرّض نفسه الخائنة لغضب الله وعذابه ، كما عرّضها هنا لغضب المظلومين ، فنفس الخائن هي أكثر تأثرا بخيانته ممن اختانه ، فهي ـ إذا ـ تختان نفسها قبل وأكثر مما تختان غيرها.
ثم اختيان الأنفس يشمل الخيانة غير المتعدية كما المتعدية ، وقد عني به طليق الخيانة ، فالمجادلة عن المختان محظورة أيا كان (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً) بنفسه أم وسواه «أثيما» يعيش الإثم وهو كل ما يبطئ عن الصواب.
ولماذا هنا «خوانا» مبالغة والخائن أيا كان يبغضه الله؟.
علّه بمناسبة شأن النزول حيث خان في الدرع الذي سرقه ونسبها الى اليهودي؟ ثم لما افتضح فر الى مكة وارتد ونقب حائط إنسان للسرقة فسقط عليه الحائط فمات.
ثم التنديد الشديد ليس إلّا بكل خوّان أثيم ، دون كل خائن آثم.
ثم الذي لا يحبه الله هو مبغضه بطبيعة الحال ، إذ لا عوان لله بين بغض وحب إلّا إذا كان جاهلا أو غافلا عوذا بالله ، فكيف تجادل عن الذي يبغضه الله وأنت حبيب الله!.
(يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) ١٠٨.
«يستخفون» اختيانهم «عن الناس» خوفة منهم أم رعاية لهم وكأنهم