والتمنية هنا ليست إلّا على مدار الوعد ، فهو يمنيهم تصديقا لوعده وتثبيتا حتى يرتكنوا إليه فيصمدوا له.
وتلك هي حالة استغواء واستهواء مدروسة شيطانية تنحرف بها الفطرة والعقلية الإنسانية لولاها لمضت قدما في طريقها المسلوكة المعروفة كما فطرها الله.
ولأن الشيطان غرور ف (ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) يغرهم فيما يوعدون بفتل حباله واختلاف فخاخه واستدراج فرائسه التي لا تبقى لهم إلّا جبلات مطموسة مركوسة التي تظل ضالة سادرة لا تنفيّئ ، متفلتة لا تتلفت إلى علم أو هدى ، أو كتاب منير (١).
__________________
ـ قال علي بن غراب النامصة التي تنتف الشعر والمنتمصة التي يفعل ذلك بها والواشرة التي تشر أسنان المرأة والموتشرة التي يفعل ذلك بها والواصلة التي تصل المرأة بشعر امرأة غيرها والمستوصلة التي يفعل ذلك بها والواشمة التي تشم في يده المرأة أو في شيء من بدنها وهو أن تغزر بدنها أو ظهر كفها بإبرة حتى تؤثر فيه ثم تحشوها بالكحل شيء من النورة فتخضرّ والمستوشمة التي يفعل بها ذلك».
(١) نور الثقلين ١ : ٥٥٢ في أمالي الصدوق باسناده إلى الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) قال : لما نزلت هذه الآية (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه فقالوا : يا سيدنا لم دعوتنا؟ قال : نزلت هذه فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال : أنا لها بكذا وكذا ، قال : لست لها ، فقام آخر فقال مثل ذلك فقال : لست لها ، فقال الوسواس الخناس أنا لها قال : بماذا؟ قال : أعدهم وامنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار فقال : أنت لها فوكله بها إلى يوم القيامة.
أقول : نص الآية أن (يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ) هو في الأصل من الشيطان الأصل ، وقد تعني هذه الرواية شورى شيطانية يرأسها الشيطان الاول فيدير أمر الشورى كقائد لها.
وفيه عن تفسير العياشي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حديث طويل يذكر فيه ما أكرم الله به آدم (عليه السّلام) وفي آخره فقال إبليس : رب هذا الذي كرمت علي وفضلته وإن لم تفضلني ـ