بعد موته إذ لا كرامة له على الله ويجزى على ظلمه قبل موته مزيدا.
وليس كل ما يصيب المؤمن دليلا على ذنبه المكفّر به ، فإن المصائب تتواتر على الأمثل فالأمثل ف «ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها ـ حتى ذكر الشوكة ـ إلا لإحدى خصلتين : إلا ليغفر الله من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر الله له إلا بمثل ذلك ، أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك» (١).
فذلك النص الصارم يردّ مختلف الأمم عن أمانيهم إلى العمل وحده على ضوء الإيمان بإسلام الوجه لله بكل الوجوه ظاهرة وباطنة :
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (١٢٤).
وتلك ـ إذا ـ هي حياة طيبة لا غبار عليها كما في أخرى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦ : ٩٧) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) (٢١ : ٩٤).
فلا فارق بين ذكر وأنثى في كيان العمل وقدر الجزاء إلّا بقدر الإيمان وعمله ، كما لا فارق بين أمة وأمة في أصل الجزاء بقدره (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً).
__________________
(١) المصدر أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الاسلمي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : ...
وفيه أخرج ابن سعد والبيهقي عن عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : أيكم يحب أن يصح فلا يسقم قالوا كلنا يا رسول الله قال : أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة ـ وفي لفظ الصيانة ـ الا تحبون أن تكونوا اصحاب بلاء واصحاب كفارات والذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة».