ذلك! «ولئن اتخذ الله إبراهيم خليلا فقد اتخذ الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) حبيبا» (١) وأين حبيب من خليل! ولأن الخلة درجات فخلة الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلى الدرجات (٢) وقد قال الله : «لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي»(٣).
ولقد كانت هذه حلقة صارحة صارمة في إنشاء التصور الإيماني الصحيح عن العمل والجزاء ، ذات الأهمية الكبرى في تصليح العقيدة من ناحية وفي استقامة العملية من أخرى.
ذلك ، ولأن الكون كله لله خلقا وتدبيرا فهو العادل كل العدل فيه بلا منازع ولا رشى :
__________________
ـ واغلق بابه وأخذ المفاتيح يطلب الأضياف وانه رجع إلى داره فإذا هو برجل او شبه رجل في الدار فقال يا عبد الله بإذن من دخلت هذه الدار؟ قال دخلتها بإذن ربها يردد ذلك ثلاث مرات فعرف ابراهيم انه جبرئيل فحمد ربه ثم قال : أرسلني ربك الى عبده من عبيده يتخذه خليلا قال ابراهيم فأعلمني من هو أخدمه حتى أموت؟ قال : فأنت هو ، قال : مم ذلك؟ قال : لأنك لم تسأل أحدا ...
(١) المصدر في الاحتجاج عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود وفيه قالوا : ابراهيم خير منك ، قال : ولم ذلك؟ قالوا : لأن الله تعالى اتخذه خليلا ، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أن كان إبراهيم (عليه السلام) خليلا فأنا حبيبه محمد.
(٢) الدر المنثور ٢ : ٢٣٠ ـ أخرج الحاكم وصححه عن جندب انه سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول قبل أن يتوفى : أن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا.
وفيه أخرج الطبراني عن سمرة قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : أن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم ، قال : فخليلي منهم يومئذ خليل الله ابراهيم».
(٣) المصدر عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اتخذ الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي».
أقول : ولئن اصطفى الله إبراهيم بالخلة وموسى بالكلام فقد اصطفى محمدا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالرؤية وهي المعرفة القمة التي لا تسامى ولا تساوي وهي مقام «أو أدنى» بعد «دنى».