ولأن الرجال بإمكانهم الحفاظ على فضلهم بأنفسهم دون النساء ، لقوتهم وضعفهن ، ولكرامتهن في أمانة العفاف ، لذلك كلّف الرجال المفضّلون بالقوة العقلية والبدنية بالحفاظ على النساء المفضلات بفضائل الأنوثة التي ليست للرجال ، حفاظا عليهن من ناحية ، وعليهم من أخرى لأنهن أمهات أولادهم ، وحافظات أماناتهم غيّبا وحضورا.
وإضافة الى فضيلة القوة العقلية والبدنية للرجال حيث تتطلب القوامية على النساء ، (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) هي زاوية ثالثة تفرض عليهم تلك القوامة حفاظا على نواميسهم(١).
وحين لا يقوم الرجل بتلك القوامية قاصرا أو مقصرا ، فهو ناشز عن شأن الرجولية قاصرا أو مقصرا ، وقد تعاكس حينئذ الولاية ، أو تتهاوى حين لا قوامية من الطرفين.
فلا ولاية طليقة للرجال ، لأنهم ـ فقط ـ رجال ، على النساء ، إنما هي على غرار القوامية الصالحة ومداها.
وتلك القوامية تتطلب منهن الطاعة الصالحة ، اللهم إلّا في غير صالح أو في منكر ، وهذه هي الدرجة المعنية لهم عليهن بعد تماثل الحقوق بينهما :
__________________
(١) وقد ورد في شأن نزولها أن امرأة سعد بن الربيع بن عمر نشزت عليه فلطمها فانطلق أبوها معها إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال : افرشته كريمتي فلطمها فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لتقتص من زوجها فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ارجعوا فهذا جبرئيل أتاني وانزل هذه الآية فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أردنا امرا وأراد الله امرا والذي أراد الله خير ورفع القصاص.
أقول : وردت قريبا منها وفي معناها روايات ، وقد نسخت الآية سنة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المستفادة من قاعدة الاعتداء بالمثل ، فلم يفعل النبي محظورا.