حيث الحجة الربانية بالغة على هؤلاء الظالمين ، وليس من الله إلا عدم المنعة التكوينية عن هذه المظلمات ، وقد يمنع أحيانا كما في نار إبراهيم وملاحقة موسى واغتيال المسيح (عليهم السّلام) ، وفي ليلة المبيت لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وكلّ حسب الحكمة العالية الربانية في أصلين أصيلين ، أصل الإختيار وأصل الحفاظ على الرسالات.
وترى الشهداء في سبيل الله هم المغلوبون بسبيل القتل عليهم؟ وقد رفعت درجاتهم بالشهادة الكريمة والمغلوب هو القاتل الظالم إذ لم يقتل إلّا الجسد وأما الروح فهو الغالب.
فليس لأسنة الظالمين ورماحهم نصيب إلّا الأبدان وللأرواح التعالي وارتفاع الدرجات ، وأحسن بما أنشد في حق سيد الشهداء والإمام الحسين (عليه السّلام) :
قد غيّر الطعن منهم كل جارحة |
|
سوى المكارم في أمن من الغير |
أجل (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).
ثم «لن يجعل» تعم في الشرعي منه الإمضاء مع الإنشاء ، فكما الله لن يجعل سبيلا للكافرين على المؤمنين في أي حقل من الحقول فردية وجماعية ، أحكامية وزمنية ، كذلك لن يمض ما يجعله المؤمن على نفسه للكافر.
__________________
ـ لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني أعرف ذلك بعهد معهود اليّ من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخبره به جبرئيل (عليه السّلام) عن رب العالمين عز وجل وأما قوله (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) فانه يقول : «لن يجعل الله لهم على أنبياء (عليهم السلام) سبيلا».