وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ... ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩ : ٢٧).
والهزيمة الابتلائية للمؤمنين كما في حنين وكذلك هزيمة البلاء كما في أحد ، كانت هزيمة ظاهرية حملت معها قوة في نفوس المؤمنين ، حيث تبعث الهمة وتذكي الشعلة وتبصر لمزالق وتكشف عن الأخطاء وعن طبيعة المعركة ، فإنها تقدمات للغلب بعد الهزيمة مهما طال الطريق.
ف (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) تقرر انتصار الروح الإيمانية على مدار الزمن ، غالبين في المظاهر أو مغلوبين.
فكما الله عزيز غالب على أمره ، كذلك المؤمنون بالله هم أعزة لا يذلون ولا يذلّلون ما هم مؤمنون ، فهناك فرق بين دعوى الإيمان ومظهره وحقيقته ، فحقيقته في التصور والعقيدة والعمل لا تغلب أبدا ، ولكن دعواه دون مظهر ، أو مظهر دون حقيقة ، إنها بطبيعة الحال تغلب كما يغلب سائر من لا حقيقة له.
(إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) ١٤٢.
(يُخادِعُونَ اللهَ) : يعاملون معه عمل المخادع كأنه ـ وعوذا به ـ يخادع (وَهُوَ خادِعُهُمْ) كما هم يخادعونه ، ولكن أين مخادعة من مخادعة (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٢ : ٩) ف «إن الله عز وجل لا يخادع ولكنه يجازيهم جزاء الخديعة» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٦٥ في عيون الأخبار عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال سألت ـ